محمد كامل | الدروس المستفادة من محاولة الانقلاب التركية الفاشلة

Mohamed Kamel
محمد كامل | الأمن القومي
يونيو 26, 2016
665003303001_5042970189001_5042872769001-vs
محمد كامل – الدروس المستفادة من محاولة الانقلاب التركية الفاشلة
يوليو 18, 2016

محمد كامل | الدروس المستفادة من محاولة الانقلاب التركية الفاشلة

Tolga Adanali/AP

Tolga Adanali/AP

دعونا أولا نهنئ الشعب التركي المنتصر الأكبر في عملية دحر الانقلاب، ذلك الشعب الذي عانى الكثير من الانقلابات، وأدرك قيمة الديمقراطية ورفض التفريط فيها، فهذه كما نعلم جميعا لم تكن المحاولة الأولى للانقلاب في تركيا منذ عودة الديمقراطية ولن تكون الأخيرة، ولكن دائما الشعب هو الوحيد القادر على الحفاظ على الديمقراطية، حتى وإن أتت بما لا يرغب.

رغم أن نتائج ذلك الانقلاب لن تتضح بشكل كامل قبل عدة أشهر، وقد تمتد أكثر من ذلك، إلا أن ذلك الانقلاب ومواجهته ترسل إشارات بل دروسا لنا جميعا علينا أن نلتفت لها ونعيها، وسنركز هنا على الدروس الأربعة الأولى التي قد يتلوها الكثير.

الدرس الأول: هو درس الشعب التركي الذي أثبت أنه شعب ناضج في أغلبه، واعي للخطوط الفاصلة بين الحقوق والتجاوزات. لم يخرج أي منهم ليؤيد الانقلاب ويتراقص في الشوارع مبتهجا بالصوص.

نضوج الشعب التركي اتضح بصورة جلية من خلال الالتفاف حول القيادة المنتخبة ديمقراطيا، رغم أن الكثير منهم يرفضها سياسيا، ولكنهم لم ينظروا للون الحزب أو مزاج الناخب، واستجابوا جميعا، إسلاميين وغير إسلاميين، لنداءات المساجد “حي على الفلاح”، والتفوا جميعا خلف شعار رابعة التركي الموحد (شعب واحد، وطن واحد، علم واحد، دولة واحدة)، والذي يتصادف مع شعار رابعة المصرية الذي لعلنا نحوله يوما لعمل وليس لشعار فقط. لم يحاول أي منهم أن يدعوا لقتل الإسلاميين لأنه لا يؤيدهم، ولا تأييد الانقلابيين عنادا في الإسلاميين.

وكانت استجابت البرلمان بأحزابه الأربعة خلف الحكومة، رغم كراهية البعض لها، ضرية كبيرة للانقلاب؛ لأن الديمقراطية هي الطريق الوحيد.

درس الشعب التركي يتعدى حدوده ليطوف الكرة الأرضية، ليلقن العالم درسا في الوطنية، معلنا أنه لا يؤيد الانقلابات العسكرية إلا أشباه الرجال، ولا يدافع عن الديمقراطية إلا شعب راقي يقدرها، يحق للشعب التركي أن يفخر بذاته وبديمقراطيته وأن يحميها بدمه.

الدرس الثاني: هو درس الانتهازية الغربية والتناقض والنفاق الذي تبثه النظم الغربية، فها هو”أولاند” يدعي بعد ساعات، ودون معلومة ودون تحقيق، بأن فرنسا تواجه “الإرهاب الاسلامي”، مثلة مثل الكاذب “بلير” الذي تفنن في إطلاق الأكاذيب ليبرر غزو العراق، ومثل العنصري “بوش” ورفاقه الذين أعلنوا الحرب المقدسة عقب جريمة لا يعرف منفذها يقينا حتى الآن.

ويأتي الانقلاب التركي ليذكرنا بالانقلاب في مصر 2013، فقد دام الصمت ساعات، ثم جاء تبرير المحللين لساعات بتقسيم تركيا لإسلاميين وغير إسلاميين، ومحاولة تخطيء أوردغان، ثم شعارات فضفاضة عن ضرورة حقن الدماء، ثم مطالبة ضعيفة بالحفاظ على الشرعية، ثم إدانة للانقلاب على استيحاء. أي نفاق هذا؟ شعارات عن الديمقراطية ثم تواطئ مع الانقلابيين بالصمت أو التأييد، ثم إعلان موقف تبريري بالوقوف بجانب من سيطر على الأمور.

إذا أراد العالم الاستقرار عليه أن يرفض أية محاولة انقلاب في مصر كانت أو في تركيا، وأية جريمة ضد الأبرياء في “نيس” كانت أو في “رابعة”. فالدرس لنا جميعا واضح، لا سبيل للاعتماد على المنظومة الدولية ومواقفها.

الدرس الثالث: هو درس للشعب المصري، في مطلع ثورة 2011 وقف البعض يترقب كيف ستسير الأمور، وعندما شعروا بتقدم الثورة انطلق البعض يلتقت الصور مع الدبابات، وعندما بدأ بناء الدولة الديمقراطية لم يسع العديد إلى المساعدة في البناء، بل وعين البعض أنفسهم رقباء عليها يتصيدون لها الأخطاء، ففرشوا الطريق لحراس الظلام أن يقودوهم ويستخدموهم في الانقلاب، ووقفوا مع ذلك الانقلاب بين مؤيد ومتفرج يعطيه الفرصة، بينما لم يعطوا لاختيارهم أية فرصة.

لقد جاءت المحاولة الفاشلة للانقلاب في تركيا لتظهر حقيقة الكثيرين من الشعب المصري الذين كرهوا أن يروا ديمقراطية تقدمية في تركيا، فهللوا لمحاولة الانقلاب، وذلك لأنهم خانوا من قبل بلدهم وعاونوا بشكل أو آخر على نسف التجربة الديمقراطية الوليدة. وبينما هم على ذلك ماضون، جلس أصدقاء الثورة والديمقراطية من الشعب المصري خلف شاشات التلفزيون وصفحات التواصل الاجتماعي وكأنهم يتابعون مسلسلا تركيا عاطفيا، منتظرين البطل ليسترد حبيبته من أحضان من حاول اختتطافها.

إن الامر حقيقة عجيب. متى تخرجون أنتم من خلف الشاشات لاسترداد حببيتكم من مغتصبها الذي يغتصبها كل يوم بل ويسوقها لسوق النخاسة، ألم تروا كيف خرج الشعب التركي ملبيا نداء الفداء ليسترد بلده ويدافع عن صوته الانتخابي سواء كان لأوردغان أو ضده؟ ألم يأن الآوان لتخرج من صمتك؟

هل سيتعلم ليبرالي ويساري مصر من خروج رجال المعارضة في تركيا للدفاع عن الديمقراطية؟ أم أنهم سيردمون التراب فوق قبورهم التي سكنوها هم وأتباعهم؟

الدرس الرابع: هو درس للثورة المصرية. متى ندرك أن الثورة الشاملة هي الحل، وأن محاولة التعايش مع الجيش بوجدانه المُخَرب هراء، وأن محاولة التعايش مع الدولة العميقة خرافات، وأن محاولة الاصطفاف مع من أيد الانقلاب ما هي إلا سراب؟ ألم يحن الوقت للاقنتاع بأن أي محاولة للمشاركة مع من يرفض الرئيس الشرعي هي في ذاتها انقلاب؟ وأننا إن لم نصرعلى عودته نستسلم لمنطق الانقلاب؟ وأن الخلاف على الشخص دون المبدأ ما هو إلا لوضع عراقيل في وجه الثورة لتمكين المتأمرين من تسليم مصر لعدوها؟

لقد نادت القيادة التركية الشعب كله للتصدي للانقلاب، لم تقسمه ولم تصنفه ولكنها نادت نداء المبدأ وليس نداء الاستجداء الضعيف، ما حدث في تركيا اليوم درس للثورة المصرية، علينا أن نوحد جهودنا خلف المبدأ وليس استسلاما لمن يدعو للتصالح مع الدولة العميقة في مصر، يا ثوار مصر لا تقبلوا أي موائمات أو أي توافقات.

الدرس الأكبر لنا، فعلينا أن نقف وراء الثورة الشاملة التي لن تتحقق إلا بعودة الحكم للشعب، وإخراج العسكرمن قصر الرئاسة إلى الأبد، وهذا لن يتحقق إلا بعودة الشرعية التي هي صمام الأمان الوحيد لتحقيق الحلم وتطهير الدولة من الفساد الراسخ والدولة العميقة.

فمن شعب تركيا رسالة صامتة لنا، لا بد من الثورة الشاملة حتى النصر. لا تنظروا للمنظومة الدولية، استهلموا الثورة وحققوها من القوة الكامنة بداخلكم، من حققكم ومن إرادتكم، ويومها فقط يكون النصر لكم.

المصدر: عربي٢١.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *