عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله كتب الإحسان على كل شيءٍ، فإذا قتلتم فأحسنوا القِتْلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذِّبْحة، ولْيُحِدَّ أحدُكم شفرته، ولْيُرِحْ ذبيحته))
ففي قوله : ( فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة ) ، توجيه نبوي إلى الإحسان في هيئة القتل ، ويكون ذلك بالإسراع في إزهاق النفس التي أبيح دمها حال القصاص أو حال الحرب ، كما أن الإسلام لا يبيح لنا التمثيل بالقتلى ولا التشويه للجثث.
تذكرت هذا الحديث الشريف، وأنا أتابع ما يحدث للأزهر وشيخة، رغم أنه لا يعنيني شيخة بشخصه فهو يستحق كل ما يحدث له فهو من شارك في الدم و رضي الدنية ،ولكن يبقى الأزهر كمؤسسة تحسب على الإسلام رغم كل ما طالها من فساد، وتحريف لعقيدته.
فالحرب ليست على الأزهر كما هو ظاهر أنما هي على الإسلام وما الأزهر إلا واجهة يهان من خلالها دين الله، فمنذ أن تولى العسكر حكم مصر فكان شغلهم الشاغل تهميش الدين وأسقاطه تدريجيا من قلوب الناس، فكان أول ما قام به جمال عبد الناصر هو عملية تدجين الأزهر تحت ستار التطوير والتجديد تلك الشعارات التي ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب، ففي أول أشهر حكم الثورة أصدر العسكر قانون رقم 180 لعام 1952 ينص على:
– إلغاء الوقف الأهلي مما سمح للدولة بالاستيلاء بشكل كامل على الأوقاف عبر وزارة الأوقاف التي سلمت هذه الأوقاف بشكل أو بآخر إلى الهيئة العامة للإصلاح الزراعي, حتى أن الهيئة تسلمت 137 ألف فدان، والتي كانت تدر على الأزهر في السنة الواحدة 8 ملايين جنيه يقوم بالصرف منها على طلاب الأزهر من شتى بقاع الأرض وإرسالهم في بعثات تعليمية أو دعويه.
في حين عوملت أوقاف المسلمين هذه المعاملة استثنيت أوقاف المسيحيين من أحكام هذه القوانين و وضعت لها قوانين خاصة، وتركت لكل كنيسة أوقافها، بعد أن حرم عبد الناصر الأزهر من سبل الإنفاق على طلابه وجعلة مؤسسة يأخذ موظفيه ومشايخه رواتبهم من الدولة أي تابعين يسهل السيطرة عليهم، كانت الخطوة الأكثر خطورة.
– إلغاء المحاكم الشرعية ومن هنا نجح عبد الناصر فيما فشل فيه الاحتلال الغربي من الهيمنة على أبرز مؤسسة لعلماء الإسلام في العالم كله، فلا أحكام شرعية في مصر بعد اليوم.
ولضمان التبعية المذلة والتركيع الكامل كان قانون تنظيم الأزهر (103 لسنة 1961م)، الذي نص:
أن شيخ الأزهر ووكيل الأزهر ورئيس جامعة الأزهر يعينهم رئيس الجمهورية, كما أن كافة أجهزة الأزهر الرئيسة كالمجلس الأعلى للأزهر وجامعة الأزهر ومجمع البحوث الإسلامية ينفرد رئيس الجمهورية بتعيين القيادات العليا فيها، فمجمع البحوث يرأسه شيخ الأزهر وأعضاء المجمع يعينهم رئيس الجمهورية, أما جامعة الأزهر فبالإضافة لانفراد رئيس الجمهورية بتعيين رئيس جامعة الأزهر فعمداء الكليات يعينهم أيضًا رئيس الجمهورية, وبصفة عامة فالهيكل العام الإداري والمالي للأزهر أصبح وفقًا لقانون تنظيم الأزهر جزءًا من الهيكل المالي والإداري للحكومة.
ومنذ ذلك الحين كما قالها الشيخ كشك رحمة الله لقد قتل العسكر الأزهر وغسلوه وكفنوه ودفنوه دون أن يصلوا عليه صلاة جنازة، فلم يسمع للأزهر من حينها صوت يعارض أو همسا يعترض.
وهكذا كما أمم عبد الناصر أموال مصر وشعبها لصالح طغمته، أمم الأزهر بماله وعلمائه لصالح حكمه، لقد أمم العسكر الإسلام في مصر و وضعوا شيوخه تحت الحراسة، فيفتون بما يأمرهم أباهم الذي بالحكم ، لا بما أمرهم به الله.
وظل الأمر على تلك الوتيرة في حكم السادات ومبارك، ولكن بعد الانقلاب الثاني للعسكر كان لابد أن يضع عبد الناصر الجديد بصمته، فبدلا من تطوير مؤسسة الأزهر كان النداء هذه المرة تطوير الخطاب الديني نفسه، وما أدراكم ما يعنيه تطوير الخطاب الديني، ويصبح الإسلام وسطيا لا أعرف لهذا المصطلح معنى أقرب من أن يكون يصبح الإسلام مزيج مهجن من الديانات الثلاثة حتى يرضى اليهود والنصارى.
أن يصير الحلال حرام بفتوى معممة، أن يصبح الخمر مباح مادام ليس عصير عنب.
أن يقنن الزنا تحت ستار عدم جواز وقوع الطلاق الشفوي.
أن تصبح الرشوة حلال بنص قانوني اذا لم تتجاوز نسبة محددة.
أن يجوع الناس وتتعرى النساء من قلة ما يسد الرمق ويستر الجسد حتى تجمع الدولة منهم قروشهم القليلة من أجل مصر.
ثم لابد أن يضع ناصر زماننا بصمته هو الأخر للأزهر ففي ظل الحرب الوهمية على الإرهاب المصطنع تم أنشاء المجلس الوطني لمكافحة الإرهاب؛ ليضع استراتيجية لمكافحة التطرف في الخطاب الديني مستبعدا الأزهر منه كما وضح تقرير نشر بأن فشل الأزهر في تجديد الخطاب وانغلاقه على التراث، دفع قائد الانقلاب إلى إنشاء المجلس القومي الأعلى لمكافحة الإرهاب، ليكون منوطا بمواجهته أمنيا وتشريعيا وفكريا، بعد تكرار العمليات الإرهابية، وخصوصا الانتحارية، التي تكشف عن استغراق منفذيها في الأفكار المتطرفة، نتيجة فشل المؤسسات الدينية في تفنيدها والرد عليها وبيان شذوذها، وتقديم خطاب وسطى، يكشف سماحة الإسلام ورحابته.
وقد تقدم غلام الكنيسة محمد حامد بمقترح قانون لمجلس النواب يطالب فيه
– الجامعات التابعة للأزهر تصبح تابعة للمجلس الأعلى للجامعات
– تصبح المعاهد الأزهرية تابعة لوزارة التعليم
– تحديد مدة معية لشيخ الأزهر من 8:10 سنوات
– تعيين أعضاء كبار العلماء من حق الرئيس وينتزع من شيخ الأزهر، صاحب الاختصاص الأصيل.
وهكذا يكون من يعينهم الرئيس لهم حق الإفتاء دون تدخل من الأزهر.
هكذا وبالتدريج البطيء وعلى خطى أتاتورك تمت علمنت مصر منذ الانقلاب الأول سنة 1953 حتى الأن وكانت اللمسات الأخيرة تحويل الأزهر من جامعة ومنارة إسلامية إلى مجرد متحف، فمتى يمنع الحجاب رسميا ومتى يمنع الأذان قانونيا، ومتى يصبح تدريس القرآن والدين عموما أمر يعاقب عليه القانون.
ان ما يحدث هو قتل للازهر دون رحمة وتمثيل بجثته