باختصار.. وثيقة حماية الثورة المصرية
بقلم: محمد شريف كامل
@mskamel
20 أغسطس 2015
وثيقة حماية الثورة المصرية التي أعلنها المجلس الثوري المصري، الذي افخر بالانتماء له، رسمت صورة واضحة لمعالم الثورة من حيث المحددات التي رسمتها الثورة لنفسها، وهي المحددات الفارقة بين مسار الثورة قبل انقلاب 3 يوليو 2013 وبعده.
وسأحاول القاء الضوء على تلك المحددات باختصار لعلها تضئ لنا الطريق فلا نضل ولا تضيع الثورة.
جاءت الوثيقة لتحدد المبدأ الأساسي الذي تستند عليه الثورة والذي يمثل الشريان الذي يبقيها على قيد الحياة، فاستناد الوثيقة على الشرعية هو بمثابة الأساس الذي تقوم علية الثورة والمجلس الثوري وهو الرعب الذي يطارد الانقلاب ويسلبه أي ادعاء بأي شرعية كانت، فشرعية الثورة تعتمد على حجري أساس، شرعية 25 يناير 2011 وشرعية الاستحقاقات التي انبتتها الثورة، استحقاقات اول تجريه ديمقراطية في تاريخ مصر، اتفقنا او اختلفنا مع نتائجها لكننا لا نتنازل عن نتاجها وقيمتها.
وجاءت الوثيقة لتحدد مفهوم الثورة، الذي قد يغيب عن البعض الا انه لم يغيب يوما عن بنات وأبناء مصر الذين لم يتوقفوا ولو للحظة واحدة عن التصدي لإرهاب الانقلاب والوقوف بكل قوة في وجهة رغم البطش والتنكيل الذي يتعرضون له ليل نهار، فالثورة هو حراك مستمر من اجل التغيير الشامل، وطريقه الوحيد هو التضحية المستمرة حتى استكمال الاهداف وتحقيق الحلم.
لقد وضعت الوثيقة يدها على معالم ذلك التغير وسمته بوضوح، ولم تتوارى وراء جمل فضفاضة بل حددت المعالم من خلال الإصرار على ضرورتان، ضرورة خروج الجيش من العملية السياسية، وضرورة القضاء على الدولة العميقة. فإن لم يتم القضاء على الدولة العميقة فلن تنجح الثورة لأنها هي القاعدة الأساسية للفساد، وهي التي عملت بكل طاقتها للتصدي للثورة والالتفاف عليها، والقضاء على الدولة العميقة لن يكون إلا من خلال إعادة تعريف دور كل منها وإعادة هيكلتها وتطهيرها من مراكز الفساد، وهذا ما يميز الثورة عن غيرها من مشروعات التغيير او الاستيلاء على الحكم.
وينطبق ذلك على القوات المسلحة كجهاز من أجهزة الدولة، والتي تحتاج لإعادة رسم دورها، واعادة هيكلتها لتمكين القطاعات الشريفة منها من ادارتها، ولإنهاء تدخلها في العملية السياسية وهو ما أفقد الجيش دوره الوطني ووضعه في مواجهة مع الشعب، الذي يمثل امتداده الطبيعي والذي افتعل بذلك الاقتتال فحقق الانقسام الذي ضرب وحدة الشعب وفتت ثورته.
وباختصار فالوثيقة تمسكت بالشرعية كقاعدة أساسية للثورة، وبخروج الجيش من الحكم والقضاء على الدولة العميقة كأهداف مبدئية، واصرت على ان ذلك لن يتحقق إلا من خلال التضحية من خلال الحراك الثوري السلمي، السبيل الوحيد لتحقيق الحلم.
لقد علمنا التاريخ ان الثورات لم تنتصر الا إذا سلكت ذلك الطريق، ولذلك يسعى النظام بكل طاقته لأسقاط تلك الأساسيات وتغييبها من طريق الثورة فتضل الطريق ويحقق أهدافه.
أن الانقلاب يسعى للتغلب على ذلك الوضوح والوعي من جانب الثورة والثوار بافتعال اعمال العنف، واشاعات حول مبادرات وهمية يزج فيها بأسماء لامعة في سماء الثورة وهو بذلك إذا نجح يحقق الكثير، يقسم صفوف الثوار، يٌفقد تلك الشخصيات مصداقيتها ويسعى بها للادعاء بوجود استقرار بهدف تحريك الاقتصاد الراكد الذي يدفع بالبلاد للإفلاس.
محمد شريف كامل