خطاب عام موجه للسادة الحضور في مؤتمر الشرق الأوسط للاستثمار
المنعقد في لندن من 25 إلي 26 فبراير
تحضرون اليوم مؤتمراً يعرض حالات الاستثمار في مصر.. مصر، البلد الذي قامت كل من: “هيومان رايتس ووتش” و”امنستي إنترناشونال” (العفو الدولية) بتسليط الضوء على انتهاك حقوق الإنسان فيه ووصفه بالمؤلم.. مصر، تلك البلد التي انخرط جيشها في سياسات تنثر بذور الحرب الأهلية، والنزاع الطائفي، والذي تهدد نزعته المغامراتية استقرار المنطقة بأسرها.
إن الدرس المستفاد من الأزمة الاقتصادية لعام 2008، والتي ما زال كل من الاقتصاد العالمي بوجه عام، والاقتصاديات الأوروبية بوجه خاص، تعاني من أجل إصلاح آثارها السلبية، هو أن جميع الاستثمارات يجب أن تكون محاطة بغاية أخلاقية ومنظور طويل المدى.
هذه دعوة تبنتها مؤسسات عديدة، منها مؤسسة “بلوبرنت فور بتر بيزنز وسوفرين ويلث فوندز” (صناديق الثروة السيادية)، علي سبيل المثال هيئة المعاشات الكندية بالاشتراك مع مجموعة “ماكينزي” للاستشارات الدولية.
والسبب وراء هذه الدعوة ليس مدفوعاً بحس أخلاقي بحت، علي الرغم من أن هذا الدافع وحده جدير بالثناء؛ ولكن بدافع الاعتراف أن الوعي التام بما هو صواب لمن أفضل الطرق لتفادي مخاطر استثمارية كارثية مؤكدة.
إن الحاجة إلى بوصلة أخلاقية لمراقبة الاستثمارات الرئيسية هي أكثر إلحاحاً في الدول النامية عنها في أي مكان آخر، وهي في غاية الأهمية في مصر علي وجه الخصوص؛ حيث أن الانقلاب الغاشم علي أول رئيس منتخب ديمقراطياً لا يهدد فقط الاستقرار والتنمية في المنطقة بأسرها؛ ومن ثَمَّ يؤثر تباعاً علي المصالح الاقتصادية للدول المتقدمة، ولكنه أيضاً يتخذ سياسات مرفوضة أخلاقياً؛ وذلك محاولة منه للاحتفاظ بالسلطة السياسية.
إن تقارير “هيومان رايتس ووتش” و”امنستي إنترناشونال” واضحة بما لا يدع مجالاً للشك. بإسقاط الحكومة الديمقراطية في مصر، فإن النظام الحالي بمساندة نخبة رجال الأعمال الفاسدة قد ارتكب جرائم قتل، علي نطاق واسع لم يسبق له مثيل في تاريخ مصر الحديث، وسجن وعذَّب الآلاف من المعارضين السياسيين، والأكثر بشاعة من ذلك أنه استخدم الاغتصاب كسلاح ضد الناشطات من النساء.
كما وأن الفساد المتفشي في الاقتصاد المصري، وانعدام سيادة القانون، ومن ثَمَّ ضعف أية قوانين عن حماية الملكية الخاصة، يهدد أمانة استثماراتكم هناك.
وإن على السادة الحضور في هذا المؤتمر أن يسألوا أنفسهم نفس الأسئلة التي كان يجب أن يطرحها المستثمرون قبيل الانهيار المالي عام 2008؛ هل يجب أن يغلب السعي وراء مكاسب قصيرة المدى على كافة الاعتبارات الأخرى؟
وهل عليهم تجاهل المؤشرات الجلية أن النظام الحالي، في محاولته للتشبث بالسلطة، يتبنى سياسات محلية وإقليمية تحمل في طياتها مخاطرة، علي الأرجح ستعرض استقرار المنطقة كلها للخطر، ومن ثَمَّ تهدد كافة الاستثمارات التي تورطت هناك؟
حقاً، أليس الرفض الأخلاقي المبرر للممارسات الحكومية، الموثقة جيداً، والمدعومة والداعمة للأحزاب المضادة التي تقدم نفسها من مصر، يعد ضوءً أحمرَ في وجه إقامة أية استثمارات هناك؟
من الواضح تماماً أن واجبكم الإداري والأخلاقي ألا تستثمروا في مصر في الوقت الحالي. ويعزى ذلك؛ أولاً، إلي أن مباشرة الاستثمارات قصيرة المدى، وتجاهل المخاطر المؤكدة، هو بالتحديد ما أدى بالاقتصاد العالمي إلي التعثر عام 2008. ثانياً، لأنه باستثماركم في مصر فإنكم وشركاتكم تتواطئون فعلياً في انتهاك حقوق الإنسان، على مستوى لم يشهده التاريخ الحديث، لهذه الدولة.
ولذلك، فإننا نطالبكم بمقاطعة كافة الاستثمارات في مصر؛ حتى يتم الإفراج عن كافة المعارضين السياسيين؛ بدءً بالأطفال، والكف عن استخدام التعذيب والاغتصاب كأسلحة سياسية، واستعادة الصحافة الحرة، واستعادة العملية الديمقراطية، وبدء برنامج إصلاح اقتصادي يهدف إلي اقتلاع جذور الفساد من نسيج الاقتصاد المصري.
المجلس الثوري المصري*
*المجلسُ الثوريُّ المصريُّ: هو كيانٌ للقوى والأفرادِ المصريين الذين يعارضون النظام العسكري في مصر ويلتزمون بالعمل من أجل إقامة دولة ديمقراطية مدنية تحترم سيادة القانون وحقوق الإنسان.