السيدة ميركل مستشار جمهورية ألمانيا الاتحادية
أكتب إليك اليوم نيابة عن المجلس الثوري المصري لأطالبكم بدعم تطلعات الشعب المصري لتأسيس دولة مدنية ديمقراطية ولسيادة القانون والتخلص من الاستبداد والظلم والقمع في مصر.
إننا نطالب ألمانيا بإعادة النظر في دعوتها للجنرال عبد الفتاح السيسي لزيارة بلادكم كما هو مخطط يوم الثالث من يونيو/حزيران 2015م.
يُعَدُّ المجلس الثوري المصري منظمة تضم مواطنين وحركات من كافة الاتجاهات بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية والأيديولوجية، ويتشارك أعضاؤه في المبادئ العامة لثورة 25 يناير/كانون الثاني ونعارض كافة أشكال الفساد والديكتاتورية في مصر، كما أننا نعارض الانقلاب العسكري وكل ما تمخَّض عنه، ونرفض تدخل الجيش في الحياة السياسية.
يؤمن المجلس الثوري المصري بالشرعية الدستورية ويعمل على تأسيس دولة مدنية تعكس إرادة الشعب المصري وحريته في اختيار حكومته وممثليه.
السيدة ميركل: أبدأ خطابي بهذه الحقائق غير القابلة للجدل:
– الرئيس محمد مرسي هو أول رئيس يتم اختياره عبر انتخابات حرة شفافة تعد الوحيدة من نوعها في تاريخ مصر الحديث.
– حزب الحرية والعدالة الذي ينتمي إليه الرئيس مرسي حصل على الأغلبية في البرلمان في انتخابات حرة وشفافة.
– خلال الفترة القصيرة لوجود الرئيس مرسي في السلطة تم تعويقه من خلال الجيش والقضاء وحكم الأقلية وطبقات المنتفعين فإنه رغم كل ذلك حافظ على حرية الصحافة والرأي والتعبير في البلاد.
– تمت الإطاحة بالرئيس المنتخب ديمقراطيا من السُّلطة من خلال القوات المسلحة يوم الثالث من يوليو/تموز 2013م.
– يوجد حاليًا في السجون نحو أربعين ألف معارِض، وهناك آلاف من المتظاهرين السلميين تم قتلهم منذ الانقلاب العسكري حتى اليوم، ويتم بانتظام رصد جرائم تعذيب واغتصاب ترتكبها سلطات الانقلاب ضد أولئك الذين يعارضون النظام الانقلابي.
– في مصر اليوم، وفي ظل سلطة عبد الفتاح السيسي، فإن حرية التجمع والتظاهر محظورة بالقانون الذي صدر في غياب برلمان يمثل الشعب، كما يتم التضييق على حرية التعبير بكافة الوسائل من جانب النظام العسكري.
إننا مستفزون بشدة وغاضبون نتيجة أنه منذ يوليو/تموز من العام 2013م وحتى الآن فإن 1541 من رجال ونساء مصر حصلوا على أحكام بالإعدام في محاكمات غير عادلة تمامًا كان آخرها تلك المتعلقة بالرئيس المختطف الدكتور محمد مرسي ومائة من مساعديه وأنصاره.
وقد وصفت منظمة العدل الدولية هذه المحاكمات بأنها هزلية، كما وصفتها منظمة هيومان رايتس ووتش الحقوقية بأنها معيبة للغاية من الناحية القانونية، وشابتها تجاوزات واضحة فى اجراءات التقاضي كما ظهر فيها التحيز وغياب الأدلة الحاسمة لإدانة المتهمين.
وقد تمَّ تأييد أحكام الإعدام والتصديق عليها بشكل نهائي لأكثر من 570 شخصًا، سبعة منهم تم إعدامهم بالفعل حتى الآن.
وآخر تلك القضايا تلك التي تُعرف إعلاميًّا باسم قضية “عرب شركس”، والتي حظيت باهتمام إعلامي متميز نتيجة للأدلة الصارخة التي تثبت براءة ثلاثة على الأقل من المتهمين الذين تم إعدامهم بالفعل دون أن يحصلوا علي فرصة كافية لاثبات براءتهم.
نحن ندرك أن سياسة ألمانيا المبدئية منذ فترة طويلة هي معارضة عقوبة الإعدام في كل الظروف، وأنها تعمل على إلغائها أوعلى الأقل ضمان تطبيق الحدَّ الأدنى للمعايير التي يفرضها الاتحاد الأوروبي في الدول التي لا تزال تطبِّق هذا النمط من العقوبات.
إن سياسة الاتحاد الأوروبي تجاه الدول الأخرى فيما يتعلق بعقوبة الإعدام (معايير الاتحاد الأوروبي) تعرِّف السعي لإلغاء عقوبة الإعدام بأنه قضية رئيسية في مجال حقوق الإنسان ضمن السياسة الخارجية والأمنية العامة للاتحاد الأوروبي، وتضع مبادئ ومعايير للإجراء العملي لمنع تطبيق تلك العقوبة في الحلات الفردية وأيضًا الحدّ من تطبيقها في الدول المختلفة.
إن الفقرة الأولى من الدستور الألماني (القانون الأساسي) تصف حقوق الإنسان بأنها أساس كل تجمُّع للسلام وللعدالة في العالم؛ وهذا يعني أن ألمانيا لديها التزام باحترام الكرامة الإنسانية وصيانة الحقوق الأساسية ليس فقط في ألمانيا ولكن على مستوى العالَم.
وبناء على ذلك كله، فإننا نعتقد أن الزيارة المخطَّط لها من جانب الجنرال السيسي لألمانيا ستكون ضدَّ الأولوية الرئيسة للحكومة الألمانية في العمل علي حماية حقوق الإنسان وصيانة الحريات الأساسية.
إن الكثير من المحللين السياسيين يشاركوننا الرأي بأن السيسي وحكومته الاستبدادية ونظامه القضائي (المسيَّس) يعتبر المعارضة السياسية تهديدًا للأمن القومي وسرطانًا يتعيَّن استئصاله من أجل إجبار الأغلبية على الخضوع.
إننا نطالب بإلغاء زيارة الجنرال السيسي لألمانيا حتى تبعث بلادكم برسالة واضحة مفادها أن ألمانيا لا تذعن لسياسة السيسي للاستئصال وإبادة المعارضين، كما انها لا تتهاون إزاء التزامها الأخلاقي بدعم حقوق الإنسان والنظم الديمقراطية في الحُكم.
إننا نعتقد أن دعوة واستقبال الجنرال السيسي في ألمانيا هي أمر غير مثمر من الناحية السياسية وتلعب على أوتار المقولات التي تزعم أن حكومات العالم تفضِّل أن يظل الشرق الأوسط محكومًا بنظم مستبدة بغضِّ النظر عن حقوق المواطنين المدنيين في هذا الجزء من العالم.
إنَّ تجاهل حقوق وطموحات الملايين في منطقتنا سوف يخلق إحباطًا متزايدًا وغضبًا لدي الجماهير العريضة مما يفاقم مخاطر تزايد الراديكالية والعنف في المنطقة.
إنَّ ألمانيا التي عانت طويلا وتدرك جيدًا مخاطر الاستبداد والفاشية ينبغي ألا تستقبل الجنرال السيسي الذي يهدد نظامه الاستبدادي وأيديولوجيته الفاشية مواطني مصر اليوم.
مع خالص الودِّ
د. مها عزَّام
رئيس المجلس الثوري المصرس
مؤرخ في: الثلاثاء 19 مايو/ أيار