رئيس المكتب السياسي في المجلس الثوري المصري
الراقصة والسياسي.. وسلة البيض الفاسد
مارس 20, 2023
رئيس المكتب السياسي في المجلس الثوري المصري
حادث حلوان.. نمط جديد من التعاسة
مارس 20, 2023

الاغتيال على منصة الإعدام

رئيس المكتب السياسي في المجلس الثوري المصري

رئيس المكتب السياسي في المجلس الثوري المصري

الاغتيال على منصة الإعدام

في خلال أسبوع أو يزيد، أقدم النظام الحاكم في مصر على تنفيذ أحكام الإعدام في ما يقرب من عشرين شابا مصريا. والحقيقة أن إطلاق لفظ حكم الإعدام على هذا الفعل هو خطأ بالغ، فأقل ما يمكن أن يوصف به هو أنه اغتيال مع سبق الإصرار والترصد.

إن مصر خالية من الدولة.. ما تمارسه المؤسسات – أو ما تسمى المؤسسات المصرية – لا يزيد عن إدارة استعباد شعب مصر، مثل الشركات البريطانية في الهند والأمريكتين أثناء الاحتلال البريطاني لهما، فهي موجودة لبقاء السيطرة على الأرض والثروة، ولذلك فإن كل ما تقوم به هذه المؤسسات من أفعال تعتبر جرائم في حق كل شعب مصر، كما أن القانون أصبح أداة في يد تلك المؤسسات، مما يجعله أحد أدوات السيطرة والاستبداد، وليس وسيلة لتحقيق العدالة.

وبالتالي؛ فإن التعامل مع هذه الحالة على أنها إعدام ليس صحيحا، ولكنه اغتيال. والمصطلحات في هذه الحالة ليست ترفا، ولكنها تصنع صورة ذهنية عند المستمع حول الحادث. فكلمة إعدام لها بعد قانوني ترسخ في العقل أن هناك محاكمة حتى لو كانت ظالمة؛ أما كلمة اغتيال فهي تعبير عن الواقع وأكثر تفسيرا للحقيقة.

والسؤال الذي ينبغي طرحه: لماذا يصر النظام على الاغتيال باستخدام الإعدام، بينما يمكنه قتل من يشاء بالشارع دون أن يحاسبه أحد،؟ والمؤكد أن حجج تبادل إطلاق النار لا يمكن أن تكون صالحه مع من ينفذ بهم الإعدام، ولكنها غطاء جيد لقتل الناس في الشوارع.. فلماذا يضع نفسه في موقف هكذا وقد يبدو أنه غير مضطر له؟

هناك عدة أسباب لذلك

أولا: إعلان أن كل مؤسسات النظام تحت السيطرة، وأنها جميعها في مركب واحد. فليست فقط الشرطة التي تقتل الناس في الشوارع، وليس فقط الجيش هو من يهدم البيوت على رؤوس أصحابها ويقتل بلا رحمة، ولكن القضاء أيضا يقتل بلا قانون. فنحن في بلد بلا قانون أو عدالة نقتل من نشاء بالطريقة التي نراها مناسبة.

ثانيا: إظهار السلطة في أعلى مستوياتها. إن استخدام منصة الإعدام للقتل هو أحد أقوى التعبيرات عن السلطة كما السجون تماما. إن القتل المعلن الذي يحمل شرعية زائفة يحمل رسالة القوة أكثر بكثير من القتل الغادر في الشوارع، كما أنه يضطر لإعلان تبادل إطلاق نيران، مما قد يوحي – أو يحمل على الأقل رسالة غير مباشرة – بإمكانية الصراع مع النظام، أما الاغتيال على منصة الإعدام، فهو يعطي رسالة بقوة السلطة وليس ضعفها.

ثالثا: الجميع رأسه تحت المقصلة، فأنقذ رأسك من تحتها. كلما زادت معدلات الظلم والاستبداد؛ كلما وجب على النظام زيادة ارتفاع وسمك جدران الخوف، ولا يوجد أكثر من القتل المعلن الذي يرتدي عباءة المشروعية الزائفة بانيا لهذا الجدار. وزيادة الخوف يؤدي إلى تبجح الاستبداد، وندخل في تزايد مضطرد للاستبداد وجدران الخوف، حتى يعجز هذا الجدار عن حمل نفسه، وينتظر من يدفعه بقدمه لينهار على الجميع.

على مدى التاريخ، كان الاغتيال السياسي على منصات الإعدام أو غيرها من الوسائل؛ أحد أدوات الاستبداد للقمع، ولكن التاريخ ينبئنا أيضا بأنها كانت أحد المحركات والحوافز لتأجيج الأوضاع وزيادة الغضب.

على أية حال؛ لم يعد هناك ما لم تقم به سلطة الاحتلال بالوكالة في مصر ليثبت عمالتها وخيانتها لمصر وشعبها، ولم يعد هناك مجال لإنكار ذلك أو تخفيف حدته؛ ليس بسبب الاغتيالات فقط؛ ولكن لجملة الكوارث التي لحقت بمصر وشعبها.

ماذا يجب علينا فعله؟.. هذا هو السؤال الأهم والأكبر الذي يدور في عقول الجميع، وما ينبغي فعله يندرج تحت عنوان رئيسي؛ ألا وهو تحرير مصر، وتحت هذا العنوان العريض؛ نمتلك من التجارب التاريخية المصرية والأخرى التي نستطيع منها استخراج الإجراءات والأدوات التي تتوافق مع الحالة المصرية، ونعيد ذاكرة النضال القديمة التي دفنت تحت دبابات العسكر.

نحتاج إلى قيادات تلتحم بالشارع من داخل المجتمع المصري؛ يمكنها بناء منظومات ونقاط المقاومة الشعبية التي هي السبيل الوحيد لإنقاذ مصر، بل والمنطقة كلها من دوائر الخيانة والعمالة.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *