هنيئًا للشعب التركي ديمقراطيته الفذة واختياره المتجرد؛ سواء من قال نعم أو من قال لا. خطوة نرجو أن تكون خيرا لها, وهذا هو النجاح رقم ١٢ على التوالي لحزب العدالة والتنمية خلال تجربته الديمقراطية.
استطاعت تركيا أن تخطف أنظارنا وأنظار العالم إليها مترقبين النتيجة؛ سواء عدو أم حبيب, دلالةً على أن تركيا أصبحت رقما صعبا في لعبة الكبار.
درس وراء درس نتعلمه من النموزج التركي؛ أن الشعب يصنع مستقبله، فما عليهم إلا أن يستعدوا لما هو آت لبناء تركيا الجديدة, وما سيواجهونه من تربصٍ لن يتوقف من الغرب أو الشرق, وحتى منا نحن العرب!
وبغض النظر عن الأغلبية الضئيلة التي أيدت التعديلات الدستورية فقد نجح الشعب التركي في تجاوز هذا الاختبار الصعب وصولا إلى نظام حكم جديد يجعل رئيس الدولة يعين الحكومة وليس البرلمان كما فى السابق, وكذلك لا يحتاج الأمر لوجود حزب يتمتع بأغلبية مطلقة وإلا فالبديل أن تتشكل حكومات ائتلافية فاشلة لدرجة أنهم غيروا 23 حكومة خلال سنوات بسيطة. أما في النظام الرئاسى فيقوم الرئيس باختيار الوزراء من الحزب الفائز فى الانتخابات حتى لو لم يكن فاز بأغلبية مطلقة وبالتالي وداعا للحكومات الائتلافية التى كانت تدمر الاستقرار فى الدولة. ولذلك كان الاتحاد الاوربي ضد التعديلات خوفا من استقرار تركيا ونهضتها. ومن هذا فإن الرئيس الذي ستكون لديه القدرة على حماية إرادة الشعب التركي وخياراته والحفاظ عليه من أية انقلابات محتملة بهذه الصلاحيات يكون أقوى, فليسميه هؤلاء وهؤلاء ما يسمونه؛ ديكتاتور, هتلر, موسوليني, فهو اردوغان تركيا؛ رئيس مدني يقود الجيش, وجدير بأن يبدد هواجس الانقلابات العسكرية.
هذا يا سادة ما ستحققه التعديلات الدستورية, والغريب أن البعض يتشدق ويردد ان التعديلات ستصنع ديكتاتورًا.. وإن كان!. أو ليس هذا اختيار الشعب وبمحض إرادته؟ سيقول لك إن الفارق بين المعارض والمؤيد بسيط جدا . طيب ألم تخرج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي بنسبة كسر عشرية لا تذكر؟ أو ما فاز أوباما ومن قبله بوش بفارق ضئيل جدا عن منافسه؟، أو ليست هذه هي الديمقراطية التي تتشدقون بها؟ على أية حال مبدأ الرفض لأي نسبة يحققها الاسلاميون هو الواقع, ففي مصر من قالوا نعم لدستور2012 وكانت نسبتهم 67% وقوبلت بالرفض, بل انقلبوا بوازع من الغرب على خمسة استحقاقات انتخابية شفافة ونزيهة شهد لها العالم. فالموضوع إذاً ليست له علاقة بنسبة الفوز, إنما هو الرفض للفكر والممارسة والمنهجية.
طيب لنفترض ان اردوغان ديكتاتور! ديكتاتور في الحق لا يسرق ولا يبيع الأرض ولا يقتل ولا يحرق الشعب, فمرحبا بديكتاتور أوصل تركيا هو ووزراؤه (قطاع الطرق)! الى ما وصلت اليه في مصاف الدول الاولى في العالم في خلال فترة حكمه (الديكتاتورية)! فما بالنا بعد التعديلات وديكتاتوريته ستزداد فإلى أين سيصل بتركيا؟! لتصبح دولة ديكتاتورية تُمارس فيها الحريات بأعلى مستوياتها, ويكون البحث العلمي ضمن أولوياتها, والتقدم التكنولوجي حربتها، وشعائر الاسلام ومبادؤه العظيمة وقودها، وارتفاع مستوى الاتراك وحريتهم هو نتاجها، فمرحبا بهذا الديكتاتور ومن على شاكلته!
أما دولنا ففيها ديكتاتور من نوع وفصيلة اخرى مستأنسة, وموجهة, من الغرب فهو أسد على شعبه, نعجة لسيده, وهذا ما نراه في مصر السيسي, وسوريا بشار وغيرهما حيث الانهيار والدمار والقتل والسحل والسجن لكل شريف حر يريد لبلده التقدم والرقي وعدم التبعية .
الخلاصة؛ فازت تركيا بالمواطن التركي الذي حافظ على مكاسبه ولم يسلمها للعسكر أو لبلحة ( الديكتاتور الحقيقي ) فمرحبا بـ (الديكتاتور) رجل الحق أردوغان ومن على دربه
وبعد؛ فهذه كلمات كتبها أحد الشعراء تعبيرا عن سعادته بيوم تركيا والرجل القوي الأمين غير المستأنس؛ اردوغان.
اليوم يومك فافرحي يا أنقرة …. وتوشّحي حُلَل البَها يا مرمرة
في عرس إسطنبولَ لما أعلنت …. نصراً وعاد إلى المغاني عنترة
متوعّداً أعداءه متوسّطا …. أحبابه بين الوجوه المسفرة
ما فرّ في يوم الكريهة مثلما …. فرّت حمير عداته من قسوَرة
الحمد لله الذي أخزاك يا …. عبد اليهود ويا وجوها منكرة
ما حالكم إلا كإبليسَ الذي …. في الحج يلطم حسرة ما أحقره
خبتم وخاب مراهنٌ متشمّتٌ …. الله أظهر للورى ما أضمره
حتى مضى مثلاً وصار مسبّةً…في أمّ قسعم في العوالم مسخرة
أفبعد هذا يا ترى هو عائدٌ……هذي الهراءَ وعائدٌ للثرثرة
ماذا يؤمّل خائنٌ متصهينٌ……. للشعب جرّد مدفعا ومجنزرة
ومُدجّج بالنار أطفأ ناره……. لُجَجٌ من الشعب العظيم مكبّرة
الله أكبر أرعبت أصنامهم…….إذ جلجلت كالرعد ملءَ الحنجرة
يومٌ أغرُّ كيوم عيد فرحة…….وعلى التصهينِ محزنٌ ما أعسره
يا منظرا ما كان أروعَ حينما….ملأوا البطائح كالأسود مزمجرة
وإذا أراد الشعب نيل كرامة……صنع المحال إذَنْ وطوّع عسكره