يهود سيعودون إلى مصر في 2013 والمصريون سيتوسلون إليهم أن يحكموهم بعد أن تفلس مصر.
هذا ما قالته السفيرة الأمريكية في بدايات عام 2013.
ومع هذا شاهدنا من رقصن أمام اللجان ومن طالبت عسكري الانقلاب بأن يغمز بعينه.
إن من بنى مصر وطرز حدودها منذ مئتي عام، وفصلها عن الإسلام وعزلها في فقاعة زمنية وسلط أشعة التخدير الإعلامي على عقول شعبها، كان يعد لهذه اللحظات منذ قرنين.
منذ عدة أيام كتب أحدهم غاضبا وقد جُرِحت كرامته الوطنية مما ترويه آيات عرابي عن مهزلة أكتوبر، وكيف أخرجها وخططها كيسنجر وديان ونفذها صبيهما السادات.
ومن قبله كتب أحدهم منتقدا ما أقوله (وهو مدعوم بأدلة موثقة بل وباعترافات جنرالات مهزلة أكتوبر، ومحاضر اجتماعات رسمية وشهادات سفراء الاتحاد السوفييتي، وخبراء اقتصاديين عالميين ووزير البترول السعودي بل وكيسنجر نفسه)، كتب ذلك المسكين منتقدا ما أرويه عن مهزلة أكتوبر وكيف كانت حربا دبرها أطرافها وزجوا فيها بشباب مصر، ليستشهدوا وتترمل زوجاتهم وتثكلهم أمهاتهم، فقط لحماية الكيان الصهيوني، كتب ذلك المسكين يقول: إنني ألطخ التاريخ وألوث النقاط المضيئة إلى آخر هذه المرثيات، التي تعود إلقاءها من عاشت عقولهم على روايات إعلام العسكر.
كيف بهذين لو علما أن الجولان نفسها سُلمت للعدو الصهيوني دون قتال ؟
كيف بهذين لو فقط وجدا ساعة أو ساعتين لقراءة ما كتبه ضابط المخابرات السوري خليل مصطفى المسؤول عن الجولان، عن مخطط تسليم الجولان؟
وكيف أعلن المقبور حافظ الأسد (وزير الدفاع السوري وقتها) عن سقوط القنيطرة، قبل أن تلمس أرضها أحذية جنود العدو.
وكانت تحصينات الجولان مجهزة لتحمل هجوم بقنبلة ذرية كتلك التي ألقيت على هيروشيما، وكيف تسلمها العدو دون قتال وكيف انسحب قادة الجولان وتم تدمير القوات المنسحبة على الأرض، ثم تبجح العدو بعد ذلك بانتصار منخفض التكلفة حصل عليه بالخيانة دونما حرب حقيقية.
وكما جرى تسليم الجولان للعدو الصهيوني، جرى تسليمه سيناء وغزة ودرة مدن العالم، القدس بسيناريوهات مشابهة، ثم جرت عملية تخدير واستئصال مراكز التفكير لدى الشعوب ليبقى هؤلاء الخونة على مقاعد الحكم.
قبل هزيمة 67 نشر موشيه ديان خطة الحرب في إحدى الدوريات الأوروبية، وحين سألوه كيف خاطرت بنشر خطة الحرب؟ رد قائلا: (العرب لا يقرؤون)!!
ربما كانت هذه كارثتنا الكبرى؛ نحن لا نقرأ وبعضنا إذا قرأ لا يعقل، وإذا عقل ما قرأ تولى بعضهم وهم معرضون.
نقول منذ الانقلاب إننا نعيش في مستعمرات مصنوعة، في مزارع أقامها لنا الأخ الأكبر، في ماتريكس بناها لنا العدو, فيرد علينا البعض قائلين:
أنتم تضيعون تاريخنا!!
يا هذا، العدو يسلب أرضك وتاريخك ومالك، ثم يعطيك عرضا سينمائيا لتصفق له وتدمع عيناك من الإنفعال.
يا هذا، العدو يقتلك بخنجرك، يحاربك بالوكالة.
حسنا
ما علاقة كل هذا بقرار الانقلاب بتعويم الجنيه؟
تعويم الجنيه أيها الكاتب الحكيم، أيها الصحفي النابه، أيها المحلل السياسي العميق، أيها الناشط السياسي هو الحلقة قبل الأخيرة من الحرب التي شنها علينا العدو.
حرب التقسيم التي تتم بضربات معول لا تراها، ربما تشعر بها في قرارات اقتصادية، ولكنك لا تفهم مغزاها ولا ترى موقعها من تخطيط التقسيم وإلى ماذا تؤدي.
تريد أن تفهم قرار تعويم الجنيه؟
عد بالزمن إلى عهد الخديوي عباس، حين أغرق مصر بالديون وانتهى الأمر بتعيين مندوبين عن إنجلترا وفرنسا لإدارة ديونهما في مصر، بعد أن اشترى روتشيلد قناة السويس لحساب الحكومة البريطانية.
وانتهى الأمر بقوات بريطانيا على أرض مصر.
ليست أكبر كوارث هذا القرار هي كسر الدولار لحاجز العشرين جنيها.
قرار تعويم الجنيه يعني بالتبعية إطلاق رصاصة كبيرة على رؤوس ملايين المصريين في لحظة واحدة. إلقاء ملايين الأسر في البحر بضغطة زر.
تقويض البنية الاجتماعية في مصر وشطب ملايين من سجل الطبقة المتوسطة في لحظة.
الجهات التي تقف خلف القرار لا تعبث ولا تمزح، وعواقب القرار محسوبة من البداية ومقصودة.
تدمير البنية الاجتماعية وإثقال ملايين المصريين بالفقر، يعني ألا تستطيع مصر رفع رأسها بل ولا حتى إصبعها في وجه الغزو الصهيوني القادم في سيناء.
تحييد الملايين وإفقارهم بقرار تعويم الجنيه، مجتمعا مع المجاعة التي سيشعلها التشغيل الكامل لسد النهضة، سيعني ببساطة ألا يستطيع المصريون الوقوف في وجه أي تخطيط انفصالي يهدف لإقامة الدويلة القبطية.
ما يحدث ببساطة هو أن مهندسي سايكس بيكو يهدمونها فوق رؤوس السكان الذين لا حول لهم ولا قوة، ويقيمون أكشاكا جديدة أصغر حجما على أنقاضها، ليتوسع الكيان الصهيوني، ليحكم المنطقة كما بشر بذلك عسكري الانقلاب حين قال لممثلي المنظمات الصهيونية الأمريكية، إن نتن ياهو يصلح لحكم العالم، وليس المنطقة فحسب.
بل إن السفيرة الأمريكية تحدثت عن صهيونية الانقلاب وعن عودة اليهود إلى مصر في 2013 بعد أن تفلس، وسوف تحكمهم “إسرائيل”.
هذه المخططات بتفاصيلها، متاحة للجميع، منذ زمن ولكننا لا نقرأ.
أ. آيات عرابي … عضو المجلس الثوري المصري