اعتبرت رئيسة المجلس الثوري المصري مها عزام أن التمسك بالاستحقاقات الانتخابية الخمسة التي “تمثل إرادة الشعب المصري” هي الفرصة الوحيدة لاسترداد مكتسبات وأهداف ثورة 25 يناير، وأن المصالحة تأتي عقب عودة الرئيس الشرعي محمد مرسي إلى الحكم. وفيما يلي نص الحوار:
ما تعليقك على الاستقالات الجماعية الأخيرة من المجلس الثوري المصري؟
بالطبع يؤسفنا استقالة هؤلاء الأعضاء الذين نقدرهم ونثمن أعمالهم ونتمنى لهم كل خير، لكن في مجال العمل السياسي وفي محور الديمقراطية من الطبيعي تعدد الآراء ووجود خلافات وتباينات، وإذا نظرنا لتاريخ الحركات الثورية في الماضي نجد أن هذا أمر طبيعي ومتكرر الحدوث.
من بين المستقيلين من قال إن أحادية التفكير والرأي لدى المجلس وتسببه في تعطيل الاصطفاف الثوري يشكلان السبب الحقيقي لاستقالتهم.
دعنا ننظر من منطلق نظري سياسي لهذا السؤال، فالتمسك بمبدأ أو رؤية سياسية لا يمثل تصلبا، والمجلس يؤمن بمبادئ أساسية وعلى رأسها التمسك بتحقيق الإرادة الشعبية المتمثّلة في خمسة استحقاقات انتخابية أنتجت رئيسا وبرلمانا ودستورا شرعيا، ونرى أن هذا الموقف المتمثل في التمسك بمكتسبات ثورة يناير هو أساس الشرعية الثورية، ويعكس تيارا كبيرا في الشارع.
غيرنا يتقبل هذا المبدأ نظريا لكن يحاول أن يتجاوزه بالبحث عن حل سياسي لما يراه أزمة محددة وهي سطوة الانقلاب على الحكم وقمعه الوحشي، وهذه وجهة نظر في تقديرنا ساذجة سياسيا، فهي تقوّض شرعية الثورة، وتساعد الدولة العميقة على البقاء والاستمرار في حكم مصر بعناوين أخرى وغطاء مختلف لكن تحت مظلات سياسية تتوافق معها، وهذه الاستقالات تمثل أشخاصا نكن لهم الود والاحترام لكنهم يروْن الرؤية البديلة ولا يتوافقون مع رؤية المجلس.
ما هي تداعيات وانعكاسات هذه الاستقالات على مستقبل المجلس الثوري وأدائه؟
بالطبع نحن سنفتقد زملاءنا، فالثورة تحتاج إلى طاقة كل فرد منا، لكن الطاقة والموهبة الموجودة في المجلس أكبر بكثير من شخص أو رمز بعينه، لذلك فإن أداءنا في خدمة الثورة لن يتأثر.
“المجلس يجمع الأطياف السياسية الثورية تحت مظلة واحدة، وهي تتفق على مبدأ إعادة الإرادة الشعبية والتغيير الجذري للنظام السياسي في مصر”
إلى أي مدى يمكن القول إن المجلس الثوري ما زال مظلة لكل القوى الثورية المعارضة؟
المجلس ما زال مظلة شاملة لكل القوى المتمسكة بشرعية الإرادة الشعبية كما أوضحت آنفا، ومن المثير للاهتمام أن هذه الاستقالات قللت نسبة تمثيل بعض القوى الإسلامية في تكوين المجلس، فتركيبة المجلس الآن تمثل تعددية من ليبراليين وإسلاميين وناصريين ويساريين، أي أننا نمثل أكبر تعدد للأطياف السياسية الثورية تحت مظلة واحدة، لكننا نتفق على مبدأ واحد وهو إعادة الإرادة الشعبية والتغيير الجذري للنظام السياسي في مصر.
ألا تعد هذه المعارك الداخلية داخل معسكر القوى الثورية خيبة أمل من أدائها؟
بالعكس، فهذا طبيعي في تاريخ الحركات الثورية، أي الانقسام بين الفئة التي تود أن تكمل المسار الثوري، والفئة التي تستعمل الخطاب الثوري لكنها تنظر في النهاية لحل سياسي لا بد أن يتضمن التوافق مع بعض أجزاء النظام.
ما هي حقيقة موقف المجلس الثوري من المبادرات السياسية التي تدعو للتصالح مع النظام، كمبادرة عمرو حمزاوي؟
موقفنا وتعاملنا مع نظام الانقلاب منحصر في أننا سنسقطه بإذن الله لنعيد الحكومة الشرعية ونأخذ القصاص العادل للشهداء.
“ثورة يناير كانت بداية لحركة تحرر الشعب المصري، ولأول مرة اختار الشعب عبر الصندوق حاكما له، وهذا تجسيد لأول مرة لإرادة الشعب.”
ما هي معوقات الاصطفاف الثوري؟
لا توجد أي معوقات للاصطفاف الثوري، فالمجلس الثوري المصري يصطف مع كل من يشارك في الرؤية: أن إسقاط الانقلاب هو تكملة للثورة، وأنا متأكدة أن غيرنا سيصطف ضد الانقلاب على أساس رؤية تتقبل العودة إلى نقطة ما قبل الانتخابات الحرة، فكلاهما اصطفاف لكن على رؤى مختلفة.
لماذا الإصرار على نقطة شرعية الرئيس مرسي التي يرى كثيرون أنها موضوع تجاوزه الزمن؟
ثورة يناير كانت بداية لحركة تحرر الشعب المصري، ولأول مرة اختار الشعب عبر الصندوق حاكما له، وهذا تجسيد لأول مرة لإرادة الشعب، ما لم يكن طبيعيا هو توافق أجندة هذه الفئة الرافضة لرأي الأغلبية مع أجندة الدولة العميقة، وخاصة القوات المسلحة التي تحكم مصر منذ عقود والتي تمتلك أكثر من ربع اقتصاد الدولة.
مكتسبات ثورة يناير ليست فقط في اجتماع الشعب في ميدان التحرير وإجبار حسني مبارك (بإذن من الجيش وتغاض من الولايات المتحدة) على التنحي، وإنما تجلت الثورة حين اختار الشعب الرئيس والدستور والبرلمان الذي يريده، وبذلك ولأول مرة في تاريخه فرض إرادة الأغلبية على النخب التي طالما استعبدته.
ما تقييمك للوضع بمصر وآفاق المصالحة السياسية؟
نظام السيسي فاشل ولن يستمر، هذا لا يعني أن الانقلاب سيسقط غدا أو بعد سنة، لكنه يعني أنه يزداد ضعفا، وإذا لم نسمح له بمساحة لأخذ نَفسه وتحضير بديل، فلا بد أن يزداد في التآكل والضعف حتى يسقط لا محالة.
أما المصالحة السياسية فستأتي عند عودة الرئيس الشرعي لإكمال باقي مدته الدستورية، وعودة البرلمان الشرعي والدستور، وتحقيق القصاص العادل وتفكيك الدولة العميقة، ثم العودة إلى مسار الديمقراطية الذي يتيح الفرصة لتداول السلطة.
المصدر: الجزيرة.