رئيس «المجلس الثوري المصري»: عودة مرسي أمر حتمي
الدكتورة “مها عزام“، في أول حوار لصحيفة مصرية:
تقابلنا مع مسئولين في وزارة الخارجية والكونجرس، وأيضاً مع نخبة من المعاهد السياسية والأكاديميين.
عودة مرسى مطلب أساسي للمجلس الثوري المصري.
لا مفاوضات مع النظام القائم حاليًا.
أمريكا كانت تعلم مسبقًا بعزل مرسى فى 3 يوليه.
نتوقع أن يغير النظام السعودي سياسته تجاه مصر بعد تولى الملك سلمان الحكم.
الدعوة لحرق منازل الإخوان جريمة وتم التحفظ على أموال أعضاء المجلس الثوري في مصر.
المؤتمر الاقتصادي القادم سيزيد من التوتر بين النظام الحاكم والنخبة الاقتصادية التي أيدته.
على الولايات المتحدة أن تعيد النظر في سياستها تجاه مصر.
النظام فشل في حماية الأرواح المصرية في الخارج.
صفقة شراء الطائرات من فرنسا تعكس انعدامًا تامًا للمسؤولية تجاه احتياجات الشعب وأولويات مصر.
“إن أية محاولة لإضفاء شرعية على النظام السياسي الحالي، من خلال انتخابات برلمانية، ليست إلا محاولات تجميل، والتي لن تحل مشكلة انعدام الحريات أو الأزمة المتأصلة، إن الديكتاتورية كثيراً ما تلجأ إلى انتخابات شكلية، كما رأينا في عهد مبارك، لكن النظام يبقى كما هو والانتهاكات تزيد”، هكذا أشارت الدكتورة مها عزام، رئيس المجلس الثوري المصري، في حوارها مع “المصريون”.. وأكدت عزام، أن الرئيس “محمد مرسي” هو الرئيس الشرعي لمصر، والمجلس الثوري المصري يؤمن بعودة الشرعية، ولا مجال للتسوية في هذا الأمر، خاصة أن هذا أمر مرتبط بحق الشعب في انتخاب رئيسه، وجزء أساسي في استقلال وكرامة الشعب المصري، والذي أبدى قراره في انتخابات حرة ونزيهة، ولا يحق لأحد أن يتدخل في اختياره.
وإلى نص الحوار:
*في البداية، كيف تقيمين المشهد السياسي الحالي في مصر؟
**نشهد اليوم خطرًا أمنيًا جديدًا يتجلى في المنطقة، حيث يلعب النظام المصري لعبة سياسية من أجل بقائه، فالضربات الجوية التي قام بها النظام ضد ليبيا ما هي إلا وسيلة ليبدو كأنه يتفاعل مع فقدان الأرواح المصرية هناك، وأيضًا كوسيلة لصرف انتباه الشعب بعيدًا عن المشاكل المحلية في مصر. فالدولة والمجتمع المصري يعانيان من ضغط هائل؛ نتيجة فشل الدولة، المنعكس في انعدام الأمن للمواطن العادي، الذي لا يستطيع أن يجد عملاً، والذي لا يملك ولا يكسب ما يفي بحاجاته الأساسية، فاقتصاد مصر يمزقه الفساد لصالح الأثرياء على حساب المجتمع ككل. فمصر في أزمة ولا يمكن لمصر أن تحقق أي نمو حقيقي، يفيد أغلبية الشعب، دون القضاء على الفساد في كل مؤسسات الدولة، ومن أجل ضمان أن هذه المؤسسات خالية من الفساد تحتاج مصر إلى نظام قضائي، يعلي سلطة القانون على الجميع سواء. ومن أجل تحقيق هذا كله تحتاج مصر إلى نظام سياسي مفتوح، تتداول به السلطة، ويحاسِب ممثليها، وكل هذا مفقود في مصر اليوم، ومن هنا أهمية نجاح ثورتنا؛ لأن فشل الثورة سيؤدي بمصر إلى أن تستمر في التدهور، وفي النهاية سنصل إلى مرحلة لا يستطيع فيها أن يتحمل المجتمع عبء دولة تستغل شعبها ولا تمثلهم ولا تخدمهم، وهذا بالتالي سيؤدي إلى انشقاق مجتمعي زائد وانعدام للاستقرار على كل النواحي.
*لكن على بعد خطوات من الآن ستجرى الانتخابات البرلمانية؛ وهذا دليل على الاستقرار؟
**أي محاولة لإضفاء شرعية على النظام السياسي الحالي، من خلال انتخابات برلمانية، ليست إلا محاولات تجميل، والتي لن تحل مشكلة انعدام الحريات أو الأزمة المتأصلة، إن الديكتاتورية كثيراً ما تلجأ إلى انتخابات شكلية، كما رأينا في عهد مبارك، لكن النظام يبقى كما هو والانتهاكات تزيد.
من الواضح، حتى للعالم الخارجي، أن ما يسمى خارطة الطريق للديمقراطية ليس إلا مهزلة، كما وأن هناك تفهمًا إقليميًا ودوليًا بأن النظام بات عبئًا متزايدًا على الذين اختاروا أن يساندوه في أول الأمر.
*ما كواليس لقائكم بالمسئولين الأمريكيين؟ ومن أهم الشخصيات التي تمت مقابلتها؟
**تقابلنا مع مسئولين في وزارة الخارجية، والكونجرس الأمريكي، وأيضًا مع نخبة من المعاهد السياسية، والأكاديميين، رسالتنا كانت واضحة، وهي أن المقاومة ضد الحكم القائم في مصر تتزايد، وأن هذه المقاومة لن تكفَّ حتى نسقط النظام، وقلنا أن الشعور بالمعاداة ضد الولايات المتحدة في الشارع يزداد، وأن تأييد الولايات لنظام يقتل مواطنين مصريين وينتهك حقوقهم سينعكس سلبيًا عليهم، وعلى الولايات المتحدة أن تعيد النظر في سياستها تجاه مصر؛ من منطلق مصالحها ومصالح الشعب المصري. كما عملنا على كشف مدى انتهاكات النظام على كل المستويات. فالولايات المتحدة تتعامل مع القوة الحاكمة، وحين يتغير ميزان القوى، في الغالب، ستسحب تأييدها للنظام الحالي، وهذا يعني أن المسئولية علينا أن نغير ميزان القوى لصالح ثورتنا.
*لماذا لم يتم وضع عودة الرئيس “محمد مرسي” للحكم، في الحسبان، خلال اجتماعكم مع المسئولين في أمريكا؟
**دعني أكون واضحة جدًا؛ فالرئيس “محمد مرسي” هو الرئيس الشرعي لمصر، والمجلس الثوري المصري يؤمن بعودة الشرعية، أي عودة الرئيس “محمد مرسي” بعد سقوط النظام، ولا مجال للتسوية في هذا الأمر، خاصة أن هذا أمر مرتبط بحقنا، كشعب، في انتخاب رئيسنا وجزء أساسي في استقلالنا وكرامتنا، كشعب ودولة، والشعب المصري أبدى قراره في انتخابات حرة ونزيهة، ولا يحق لأحد أن يتدخل في اختياره، وفي محاوراتنا مع صناع القرار في الولايات تحدثنا في الأمور التي يمكن أن نجد فيها مساحة للحوار، أما مسألة الرئاسة فهي غير مطروحة للنقاش مع أية قوى خارجية.
*هل الجانب الأمريكي لم يكن يعلم بما حدث في 3 يوليه وعزل مرسي؟ وهل أمريكا بيدها تغيير الأوضاع في الوقت الحالي؟
** بالطبع الإدارة الأمريكية على علم تام بأن ما حدث في ٣ يوليو كان انقلابًا على الشرعية، فهناك محاولات لإيجاد سبل بديلة لتوصيل الدعم العسكري لمصر؛ لأن القانون الأمريكي يمنع المعونة العسكرية لأنظمة غير شرعية، حينها حاولت الإدارة أن تقول أن القانون لا ينطبق في حالة أن أمن الولايات المتحدة يتطلب الاستمرار في المعونة، وعلينا أن نذكر أن إدارة الولايات المتحدة، مثلها كمثل كل الحكومات الغربية، تتعامل مع أي من كان في السلطة، لكن الولايات المتحدة أيضًا يمكن أن تسحب تأييدها من حلفائها إذا أصبحوا عبئًا متزايدًا أو هددوا مصالحها، وفى حالة التحول في ميزان القوى تجاه نظام معين فالولايات مستعدة أن تخفف من تأييدها لذلك النظام، فكل هذه عوامل في إمكاننا أن نؤثر عليها لصالحنا.
*يتهمكم البعض، بما فيهم مؤيدو الشرعية، أنكم لجأتم إلى أمريكا، وهى العدو الأول لهم. فما تعليقكم على ذلك؟
**لم نلجأ إلى أحد؛ فالصراع يخص الشعب المصري، وعلينا أن ننتبه إلى ردة فعل النظام لزيارتنا الغاضبة لأمريكا؛ فلقد أصدرت وزارة الخارجية المصرية تحذيرًا رسميًا لكل الحكومات والهيئات بألا يتعاملوا مع المجلس الثوري المصري أو البرلمان الشرعي، ويدّعون أننا منظمات إرهابية. لذا من المهم أن نستمر في عرض قضيتنا في كل الدوائر؛ لكي نكتسب مجالاً أكبر للتحرك، فهناك مثلاً من في دوائر صناع القرار ممن يشعر بالتعاطف معنا، وينتقد سياسات حكومته، وعلينا التواصل معهم، والتواصل أيضًا مع من يناهضنا لمحاولة إقناعهم بتغيير موقفهم.
*كيف ترون الدعوات الأخيرة التي تطالب بحرق منازل الإخوان؟
**ما نشهده اليوم هو أخطر الأزمات على يد نظام السيسي تجاه المجتمع المصري؛ فالدعوة بحرق ممتلكات أي مواطن مصري جريمة؛ فهذا النظام، ومن يومه الأول، عمل من أجل زرع التفرقة والكراهية في المجتمع المصري، وسيستمر باستعمال هذه الطرق كوسيلة للسيطرة، وهذا بالضبط مسار كل نظام غير ديمقراطي يعمل على حماية سيادة مصالح قلة فاسدة.
*هل هناك جهات متصارعة داخل النظام الحالي؟
**النظام مكون من ضفائر مصالح مختلفة، لا تجمعها إلا مصلحة الذات، وليس مصلحة الوطن، فأي شعور بأن هذه المصالح الشخصية مهددة سيزيد من الانشقاق، بشكل عام، فهناك توترات متزايدة مع ارتفاع الخسائر في سيناء، ومع شعور الضباط بالخطر الشخصي، كما أن الحالة الأمنية السياسية ستصعب أية استثمارات؛ مما يضر مصالح النخبة من الأثرياء المؤيدين للنظام، وفى غالب الأمر لن يكون المؤتمر الاقتصادي القادم إلا عرضًا رمزيًا، وهذا سيزيد من التوتر بين النظام العسكري والنخبة الاقتصادية التي أيدته.
* هل هناك تفاوض معكم من قبل النظام الحاكم لإجراء مصالحة في هذه الأوقات؟ وإذا كان هناك تفاوض من هو الذي يفاوضكم؟
**لا وجود لأي تفاوض بيننا وبين النظام الحاكم في مصر؛ فالمجلس الثوري المصري لا عمل له إلا خدمة الثورة المصرية، فالمجلس لم ولن يقدم أية تسويات على حساب الثوار، ونحن نؤمن أن النظام سيسقط وإرادة الشعب ستسود والشرعية ستعود وأن كل من أجرم في حق الشعب المصري سيحاكم بإذن الله.
*ما تعليقكم على الأحداث الأخيرة التي حدثت في ليبيا وراح ضحيتها 21 مصريًا؟
**النظام الحاكم في مصر فشل في حماية الأرواح المصرية، وأثبت أنه لا يستطيع أن يعمل بكفاءة لحماية مصالح مصر أو مواطنيها داخل مصر وخارجها، فقد تم احتجاز مواطنين مصريين لفترة ٥٠ يومًا، أي ما يقرب من الشهرين، ولم تحرك الحكومة ساكنًا، إن تصرفات نظام السيسى في ليبيا وسيناء ستجعل مصر أكثر عرضة للخطر، وتفتح الأبواب لدورة عنف تضر المواطنين وتضر الدولة. فمصالح مصر الأمنية تتطلب أن تؤخذ قرارات سياسية عقلانية لصالح مصر، لا قرارات لصالح بقاء قلة كأولوية، فزيادة التوغل العسكري من قبل مصر في ليبيا وتوريط الجيش هناك ليس إلا جزءً من مخطط أكبر وضعته قوى لها أجندتها في ليبيا.
*ما تعقيبك على شراء مصر عدة طائرات حديثة من فرنسا؟
**إن صفقة شراء الطائرات من فرنسا، في الوقت الذي مصر فيه في أمس الحاجة إلى التنمية، تعكس انعداماً تاماً للمسئولية تجاه احتياجات الشعب وأولويات مصر؛ فليست هناك حاجة ملحة إلى شراء المزيد من الطائرات الحربية ونحن في أزمة اقتصادية، في مصر وصلت البطالة إلى ٢٥٪، في وقت لا تستطيع أكثر العائلات أن تجد ما يكفيها لشراء السلع الأساسية.
*هل ستتغير معاملة السعودية تجاه مصر بعد تولي الملك سلمان الحكم في المملكة؟
**كل من هو مهتم بمصر، وبعلاقة طويلة الأمد معها، يدرك أن النظام الحالي لا يستطيع أن يوفر الاستقرار أو النمو، مما سيؤثر على المنطقة ككل، وحين يُحكم شعب من ٩٠ مليوناً بأسلوب القبضة الحديدية، فيعلم الجميع أن النظام لا يمكنه البقاء دون سجن وتعذيب وقتل مواطنيه، فهو في الواقع نظام غير متمكن من الحكم. فمصر تحتاج إلى نمو حقيقي، ولا يمكن لها أن تعيش على صدقات، كما وأن مثل هذا البلد لا يمكن أن يحقق أي نمو جذري؛ فالنمو يحتاج إلى استقرار، وهذا ما لا يمكن تحقيقه من خلال سياسة أمنية قمعية تَخَلَّق الرعب والعنف. لكل هذه الأسباب، أؤمن بأن الدول الشقيقة، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، عليها أن تعيد النظر في سياستها تجاه النظام، وأرجو أن تكون فكرة التعامل كالعادة مع الحاكم، مهما كان الثمن للمواطن المصري، قد ولى عهدها، من أجل مصلحة الشعبين المصري والسعودي، فهناك واجب ملزم بأن تعيد المملكة السعودية النظر وتغير سياستها تجاه النظام الحاكم في مصر.
*ما تعليقك على التحفظ على أموال وممتلكات أعضاء المجلس الثوري المصري؟
**هذا القرار العقيم لم يكن مستغربًا، وهو قرار عقيم، ودليل على أن المجلس الثوري المصري يسير على الطريق الصحيح، وأن تحركاته تجني ثمارها وتؤلم النظام المصري، ونتحدى أن يقدم النظام دليلاً واحدًا على ادعائه الكاذب بأن المجلس الثوري مموَّل من أفراد أو جماعات تقوم بعمليات لقتل الجيش والشرطة، فهذا النظام الذي لا يستطيع حتى حبك المسرحية؛ فيخرج علينا باتهام زملائنا المسيحيين الذين يعيشون في أستراليا بأنهم من قيادات “الإخوان المسلمين” في تركيا.
صحيفة المصريون
الثلاثاء 3 مارس 2015